الفـصل الثـآني
ركبت سيارتي وبدأت أدور في دوائر حول المنطقة ولا جديد
هناك ..
ابتعدت ببحثي قليلا عن المنطقة ..
ثم !!
أدركت وقتها كم كنت غبياً أنا ...
لماذا لم أراقب الآثار بجانب السيارة ..
خصوصا أن الأرض كانت طينية يبقى الأثر عليها واضحا ..
عدت إلى مكاني السابق ...
ووجدت الأثر ..
ولكنه أثر واضح لسحب شخص بالقوة وحمله, ..
كانت الآثار عميقة ومتناثرة مما يدل على الحمل الثقيل الذي تركه صاحب الأثر ..
ويتضح أنه كانت توجد مقاومة وقتها ..
تتبعت الأثر ولكنه انتهى حول بئر قديم مهجور ..
هل يعقل ؟؟
صديقي في البئر ؟؟
ما هذا الجنون ؟؟
تأملت حولي من جديد ..
ظلام يلفني ..
تذكرت أنني وحيدا في هذه المنطقة ..
انتابتني حالة غريبة ...
رعب شديد ..
هربت بشدة إلى السيارة ..
انطلقت بسرعة خرافية من حيث أتيت ..
كنت أبكي بشدة ..
صديقي أين هو ؟؟
أنا السبب ..
اللعنة على ذلك الجوال وصاحبته وعلى سارقه(( علي)) ..
نعم سأذهب للجهات الأمنية ..
أنها مهمتهم ..
ولكن ..
لو وجدوا صديقي مقتولا ..
هل سيتهمون ..؟؟
بكيت بشدة وخالط بكائي نوع من النياح وعدت للرياض من جديد وذهبت للبحث عن ذلك اللص علي ..
ولكن ....
كيف أبحث عنه ؟؟
كل مااعرفه انه منتسب لجمعية الهلال الأحمر فقط ..
لا اعرف من اسمه إلا علي ...
اللعنة عليه ...
هل حلت بنا لعنات الموتى ؟؟
سرق تلك المرأة ولم يراعي كرامة الموت ورهبته ..
أحسست لفترة وكأن الزمن توقف ..
بالأمس كنت شخصا يعيش حياة طبيعية ..
والآن أنا أعيش دوامة من القلق والغموض ..
ما الذي صار مقدرا لي ..؟؟
صديقي لا اعلم هل لازال حيا أم ميتا ؟؟
أهله يعلمون تماما أنه كان برفقتي ..
ما الذي بيدي لأفعله ؟؟
صرت تائها وسط تلك المدينة الكبيرة ..
قررت أن أذهب إلى بيت صديقي ..
والده رجل طيب ..
وأمام مسجد ..
ربما يقدر ما سأقوله ..
سيعلم أن هذه الأحداث لها علاقة بظواهر الجن ..
نعم أقسم أنها كذلك ..
وما هي إلا دقائق وأنا اطرق باب منزل صديقي ..
لم يصلني رد ...
واصلت الطرق ..
ولكن لا مجيب ...
وواضح جدا من الهدوء أن المنزل خاوي ..
عدت لسيارتي وألقيت بجسدي على مقعد السيارة ..
عادت حالة البكاء للسيطرة عليَ من جديد ..
أغمضت عيني وقررت الانتظار أمام منزل صديقي ..
عدت بالذاكرة إلى وقت ليس ببعيد ..
صديقي المختفي ناصر ..
كان رفيقي منذ الصغر ..
شخص طبيعي ..
هادئ وانطوائي نوعا ما ..
أنهى دراسته الثانوية ثم قبع بعدها في المنزل ..
كان شخصا حماسيا ولكن البطالة خلقت فيه روحا انهزامية غريبة ..
كان يتحدث عن أمنياته بالهجرة إلى الخارج ..
كان يحب كثيرا القراءة ..
خصوصا الكتب الكبيرة ..
ينفق كثيرا على شرائها ..
كان من المتفوقين ..
وهاهو الآن شخص عاق ..
منحرف ..
حتى والدته كثيرا ما كنت تدعو عليه بالهلاك ..
كان شخصا عنيدا ويكره أن يوجهه احد إلى شي وينصحه ..
حتى والده كان كثيرا مايقول أنا لست براضي عليك ..
وكان ....
ما هذا ؟؟
شخص يقترب من سيارتي وبسير بهدوء ..
كان الشارع شبه مظلم ..
والرجل يقترب من سيارتي ..
ثم ..
توقف أمامي مباشرة ..
ومد يده ...
نظرت إلى وجهه وبادرني بالسؤال ...
من أنت ؟؟
كان والد صديقي ..
ولكن لا اعلم لماذا لم استطع تمييز وجهه ..
نظر إلىَ كثيراً....
ثم قال : عبد الرحمن !!
أين ناصر ؟؟ هل هو بالداخل ؟
ترددت كثيرا ولاحظ هو هذا التردد الذي كان يملأني
ثم قال :ابني ناصر ما لذي حدث له ؟؟ وأين هو ؟؟
قلت له : أريد أن أجلس معك أرجوك ... كلام كثير سأقوله لك !!
لاحظ بكائي وحالتي المرثية وطلب مني النزول ..
لم ندخل لمنزله بل توجهنا إلى المسجد ..
هناك بدأت أروي قصتي لوالد ناصر ..
كان مشدودا ومهتما لقصتي ..
وضح عليه التأثر وبكى عندما وصلت لقصة اختفاء أبنه ..
كان يريد قول شي ..
ولكنه كان يتردد ..
تغيرت ملامح وجهه ..
صرخ فيني : أين ذلك الجوال ؟؟
كان كمن انتزعني من حالة عجيبة ..
قلت : في منزلي ..
ركبت معه في سيارته وانطلقنا لمنزلي ..
تناولت ذلك الجوال وعدت للسيارة وناولته لوالد ناصر ..
نظر فيه ..
تلا بعض الأذكار ...
فتح صندوق الرسائل ..
ويا للمفاجأة .... كان خاويا تماما !!
قلب صندوق حفظ الرسائل فطالعته تلك الرسالة التي كانت توضح مكان الدعوة ..
كانت مذيلة برقم ...
رقم يوضح المرسل ..
تناول هاتفه وأتصل بذلك الرقم ...
وبدأ الجرس يرن ....
ويرن ...
ولكن دون إجابة ....
أعاد الاتصال أكثر من مرة دون أي إجابة ...
ألتفت لي وقال : هل أنت محافظ على الصلاة ؟؟
صدمني بذلك السؤال ...
قلت نعم ..
قال : وأين الذي باعك الجوال ؟؟
قلت : أتقصد علي اللص ؟؟
قال : نعم ..
قلت : أنا لا اعرفه شخصيا كل ما اعرفه انه يعمل بقطاع الإسعاف ...
قال هل تملك رقم جواله ؟؟
سؤاله هذا كان صدمة بالنسبة لي ..
طوال تلك الفترة التي كان يتردد فيها ذلك اللص علي على محلي لم يحصل يوما أن طلبت رقمه أو سألته حتى عن سكنه أو ....
قاطعني والد ناصر : لماذا أنت صامت ؟؟
قلت : لا ..لا أعرف رقمه ..
انطلقنا إلى مركز إدارة الهلال الأحمر ..
والد ناصر كان أمام لأحد مساجد المدينة المعروفة وكان رجلا وجيها ومعروفا لكثير من أعيان المدينة ..
أجرى بعض الاتصالات ..
ثم دخلنا إلى مبنى الإدارة ..
صعدنا إلى مكتب احد الموظفين ..
صافحه والد ناصر ..
تهامسا قليلا ثم أخذنا إلى غرفة تحوي بعض أجهزة الحاسوب ..
سألني ماذا كنت تعرف عن السائق علي المذكور ..
قلت اعرفه فقط بشكله..
ثم قال لي الموظف دعك من الشكل ..
هل تميزه من صوته ؟؟
قلت أكيد .
قلب بعض البيانات على الحاسوب ..
أجرى اتصالاً بشخص ثم طلب منه مكالمتي ..
حدثني الشاب قليلا ثم سألني الموظف هل هذا صوته ؟؟
قلت لا ..
أغلق الهاتف وكرر الأمر مع 3 آخرين كلهم كنت لأول مرة اسمع نبرات صوتهم ..
نعم ..
ذلك اللص علي كانت له نبرة حادة مميزة يمكنني تمييزها من بين الآلاف ..
أحسست أن الموظف بدأ عليه الضيق ثم سألني ...
علي هذا صف لي شكله ..
بدأت أعطيه المواصفات تباعا ..
كانت عليه علامات الدهشة ..
قال : هذه المواصفات لم تمر علي أبدا وأنا أعرف كل السائقين القدامى والجدد ..
بدأ القلق يسري بداخلي ..
ثم قلت : أنا لدي الحل ....
ما اسم السائق الذي باشر يوم أمس حادثاً ماتت فيه سيدة؟؟ ...
قلب ذلك الموظف قليلا من بعض بياناته ثم قال مندهشا ...
لم تخرج أي سيارة إسعاف من مركزنا لحادثة كانت فيها وفاة سيدة منذ أكثر من 6 أيام !!
أصابتني نوبة غريبة ..
كنت أشعر ببرود يملأ أطرافي ...
هل علي هذا كاذب ؟؟
هل هو سائق إسعاف فعلا ؟؟
هل له وجود أصلا ؟؟
~~~~~~وللأحداث تتمة~~~~~~~~